لعنتي

.

.

..

هديل ممدوح

.

قلبي هناك.. أمومتي أيضاً تلك التي لم أختبرها بعد.. مرمية على أحد الأرصفة ، تذرف حياة أولادها دماً ، أحاول استراق نظرة خاطفة على أبنائي ألفُّ  رؤوسهم بقبلة وقصيدة ولا أنوح ، أغطيها بما يستلزم العطب بقطعة من قلبي وبعض الشاش، وأسلم الجسد الشامخ للأذرع الفضية التي تفترسنا بنورها الاستثنائي!

.

أنا أختُ الشهيد أحلم بالتأبط بذراعه كل مساء لنمرح في الحارة أو السوق، أروح وأجيء لاختلاس بعض أسراره فهو الآن مراهق وأنا مولعةٌ بالأسرار!

أشمشم رائحته المنتشرة في المكان، يحتفظ هنا بهدية عيد الحب الفائت ، لوحة خشبية و كلمات حب محفورة فوقها كما رائحته في روحي، هنا رشقني بالمياه ذات صباح وأنا أعد له القهوة ليذهب إلى ثانويته، متظاهراً أنه يسقي الزريعة الموجودة خلفي _ اطمئن يا حبيبي فالزريعة مروية بدمك الآن فلا تخشى ذبولها أيها الأخضر_ وهنا بالضبط هنا، اعتاد خلع حذائه مدعياً العجَلة ولم تنفع معه التهديدات مطلقاً..

.

أنا ابنة الشهيد، عرقُ والدي معشش في الوريد، والخبز الذي اعتاد جلبه إلى البيت كل صباحٍ فقد طعمه والرائحة، أبي وعدني بعرسٍ ليس له مثيل وأنا الآن أزفه إلى الوطن، أعقد قرانه على التراب، والشهود قاماتٍ كالشمس ،هاماتٌ  تعانق الغيوم، بحر دماء وكاميرا الجوال الذي أهداني إياه بعد نجاحي المتواضع في مرحلتي الإعدادية.

.
أنا أم الشهيد، أخت الشهيد، وابنة الشهيد..

أين ستهرب من لعنتي أيها القاتل؟!

.

عن هديل ممدوح

هديل ممدوح
مدوِّنة ومترجمة إلى اللغة الإنكليزية

تعليق واحد

  1. يا أخت خير أخٍ يا بنتَ خير أب .. كناية بهما عن أشرف النسب
    أجل قدرك أن تسمي مؤبنة .. ومن يصفك فقد سماك للعرب

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.