الصفحة الرئيسية / نصوص / قصص من السويداء -١
from Dan Young Blog

قصص من السويداء -١

ع. س.

1 –
تقف في الساحة عربة عليها بطيخاتٌ صغيرة ومكرمشة وصاحبها ينادي: الأربعة بميّة! بجانبها عربة بطيخ كبير: الكيلو ب: 60 ليرة، بحيث يصل سعر البطيخة الواحدة إلى 600 ـ 750 ليرة. يبدأ الشباب سائقو التكسي العمومي الذين ينتظرون ركاباً في الساحة بالتوافد على عربة: الأربعة بمية، ويشتري كل منهم بطيخة أو اثنتين، يعني ب: 25 أو 50 ليرة، ويكسرونها على الأرض ويبدؤون بأكلها.. بطيخات صغيرة، ملحّْمة، بزرها أبيض، ليس فيها حلاوة.. ويعودون إلى العربة لشراء المزيد…

سائقو السيارات هؤلاء هم الذين على سيارة كل منهم صورة كبيرة لسيادته، ولأبيه، وللسيد حسن، وتنطلق من مسجلة كل منهم أغاني مثل: سوريا الأسد، يا بشار… احسم نصرك في سوريا…

 

2 –
استدعيت مجموعة عددها 30 عنصراً كامل العتاد من (جيش الدفاع الشعبي) قبل يومٍ من موعد (الانتخابات) للسفر إلى دمشق بمهمة محدّدة هي حراسة أحد المقرات الانتخابية داخل العاصمة، بحجة نقص في عدد المشرفين على الصناديق، وبأجرٍ مقطوع: 40 ألف ليرة سورية. لا تتوقف السيارة التي تقلّ المجموعة في دمشق، بل تكمل طريقها إلى اللاذقية. من هناك تقلّهم طيارة عسكرية إلى حلب. في حلب، يخبرونهم بحقيقة مهمتهم: سنأخذكم إلى حيّ: (…..) الذي داهمه عناصر حزب الله أمس، وطهّروه من الإرهابيين.
عليكم اليوم مداهمة البيوت في هذا الحي، ونقل جميع الأغراض الثمينة فيه إلى المخازن التابعة لإدارة الجيش. وعليكم الإجهاز على كل من تصادفونه ما زال حيّاً في هذه البيوت. يعترض 11 عنصراً من المجموعة بأنّهم لو عرفوا أن هذه هي مهمتهم لما قبلوا بها، ولا يرفض الباقون. على العكس تدبّ المهاترات بينهم أنّ كلّ مَن يرفض هذه المهمة منهم؛ فإنما يرفضها لأنه جبانٌ ويخاف الإقدام على المهمات الصعبة. يتدخل قائد المجموعة ليفضّ الخلاف بينهم ويعلن: لن نفرض تنفيذ المهمة على من لا يريد، لكننا في هذه الحالة لسنا ملزمين بإعادتكم إلى بيوتكم. يتركونهم في حلب ليتدبروا أمر عودتهم بالسير البريّ المتوفر. الأحد عشر عنصراً الباقون نفذوا ما أُمروا به، وقتل منهم اثنان، وجرح منهم اثنان، تمّ تحويلهما إلى مشفى في حلب، واستلم الباقون أجرهم المتفق عليه وأعيدوا إلى بيوتهم على نفقة جيش الدفاع الشعبي. المتطوع الذي كان يروي ما جرى من بلدة القريا. مضى على تطوعه عدة شهورٍ تحسنت خلالها أحواله المادية بشكل لافت. كان فقيراً، ومدمناً على شرب العرق كلّ يوم. وقد تنقّل بين مهنٍ كثيرة سابقاً، ولم يثبت في أي عمل. ينقم على إخوته الأغنياء المسافرين إلى الخليج، والذين لم يستطيعوا تأمين فيزا له ليعمل معهم هناك، وجاءه الفرج في الشهور الأخيرة عبر (جيش الدفاع الشعبي)

 

3 –
تتوافد الأخبار على تخطيط الجيش العربي السوري لهجومٍ ضخم على محافظة درعا لمحاولة استردادها دفعة واحدة من سيطرة الجيش الحر، والكتائب الإسلامية.

من الإجراءات المتخذة أن تقام سواتر ترابية شاهقة فوق طرق العبور بين درعا والسويداء (لمنع فرار المسلحين إلى السويداء، أو محاولتهم اقتحامها).

يتصل عسكريّ لبنانيّ اللهجة بالمهندس المسؤول في مديرية الخدمات الفنية في السويداء، يطلب منه إرسال بلدوزرين فوراً إلى منطقة على حدود درعا. يعتذر المهندس عن تلبية طلبه فوراً لأن بلدوزرات المديرية كلها قد تفرّقت منذ الصباح إلى المواقع التي تعمل فيها. حينها ينطق العسكريّ بعبارة وحيدة:

ـ ولا أاير، ابعثلي كل بلدوزراتك وما تعلّك!

 

 

الصورة: دان يونغ 

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.