الصفحة الرئيسية / نصوص / نثريات / رسالة إلى قاتل

رسالة إلى قاتل

مصطفى حاج صالح

ليس لدى القاتل وقت يضيعه في القراءة أو في التفكير ، رغم ذلك وددت الكتابة له عله يقرأ بالصدفة أو علّ زوجته أو أمه تقرأ ، أو في أسوأ الأحوال صديقا من أصدقاء القاتل ، صديقا ممن يدافعون عن القاتل ويسمون جريمته بأسماء مختلفة في محاولة يائسة لاصباغ شيء من القيمة على الجريمة .. إن قيض لك القراءة ، أنت أيها القاتل أو أنت يا صديق القاتل .. أنت يا امرأته .. أنت يا أمه .. أريدكم أن تجيبوا على بعض  من أسئلة محرقة تدور في ذهني وذهن كثير من السوريين .. بم تفكر أيها ( القاتل) وأنت تعد عدة الخروج للصيد؟ ماذا تقول لزوجتك وهل تقف هذه إلى جانبك في موقفك هذا؟ هل تعلم بما تفعله ؟ .. هل تحدثها بما تقوم به؟

هل تعرف ابنتك؟ .. هل تجرؤ على النظر في وجهها .. ربما نعم .. فأنت تخفي عنها جرائمك وهي كمعظم أطفال سوريا لا يعلمون أكثر مما يقدمه لهم التلفاز الرسمي .. لا تعلم أن والدها قاتل ، قاتل يداه ملوثة بدماء مواطنون له ، شباب في عمر الورود .. لا ريب تأخذ أهبة وزينتك عند الخروج للصيد .. للقتل ..لكنك بالقطع لا تأخذ ضميرك معك .. تشلحه …ترميه في البيت مثل نظاراتك الشمسية .. طبعا هذا على افتراض أنك تملك شيئا من هذا النوع ، تذهب للقتل وأنت تعلم أنك قاتل ليس أكثر ، أنك مجرم ، فأنت تعلم أكثر من غيرك أنك تقوم بقتل مواطنون عزل إلا من عزيمتهم وإرادتهم في التظاهر طلبا للحرية، أنت تراهم رأي العين، تراهم عزلا لا يملكون سوى حناجرهم وأفواههم ، مع ذلك تسدد ، تسدد بدقة فتصيب منهم الرأس والقلب ، الفم والحنجرة ، تسدد وترديهم ، تقتلهم أبشع قتلة وأنت تعلم الحقيقة أكثر من سادتك ومن قادتك اللذين أصدروا الآوامر .. أنت ترى بعينك كم هو مسالم ذاك الذي أطلقت عليه قذيفة هشمت فمه على ذاك النحو اللاإنساني القبيح وكل جريرته يا حضرة القاتل أنّه صرخ طالبا الحرية أو طالبا إسقاط سيدك .. هل فكرت حينئذ ؟ . أم تراك استمتعت بفعلتك ؟.. هل تفاخرت بذلك أيضا أمام أسيادك .. أمام أهلك .. أمام أقاربك .. واقع الحال يقول أنك فعلت .. كثيرة هي الدلائل التي تشير إلى تلك المتعة الهائلة التي تشعرون بها وأنتم تقنصون أبناء وطنكم المسالمين.. فإلى أي مدى نجح النظام في تحويلكم من بشر إلى آلا ت قتل، لا تفكر .. إلى وحوش .. بوركت أيها الصنديد ؟.. هل تجرأت يوما على قنص أسرائيلي أو هل فكرت يوما بقنص أسرائيلي .. أكاد أجزم أن لا .. فأنت ككل قاتل جبان رعديد أمام من يملك سلاحا كسلاحك.. أنت لا تساوي شيئا من دون سلاحك . أنت مجرد عبد وضيع تافه يسخرونه في قتل أبناء بلده العزل .. وما الذي ستحصل عليه ؟ .. أي مكسب تكسبة ، قروش .. أم يتركون لك حرية السلب والنهب .. كذلك كنت تفعل تفرض الخوة وها أنت الآن قاتل محترف ينهب ويسرق .. فأي مجد سيسجل لك .. ؟ هل ستجرؤ يوما على مفاتحة ابنتك أو ابنك بما فعلت .. هل ستحدثهم عن بطولاتك في درعا وفي حمص، في بانياس وفي داريا.. أو في أي بقعة من بقاع سوريا اجتاحتها جحافل أسيادك .. سواء انتصر نظامك على شعبه أو حدث العكس، كما أمل فالشعب السوري يستحق حريته بجدارة ، فأنت لن تحرز شيئا ..ستعيش مع جرائمك وقد تقتلك هذه أو قد تجد نفسك في محكمة تسألك وتقتص منك .. في الحالين أنت خاسر ملعون ، خسرت نفسك ، وقبل كل شيء خسرت قدرتك على الفخر وعلى مصارحة ابنائك بما فعلت ولا أظن أنّ ثمة طفل في العالم يرضى بأن يكون والده قاتل ، خاصة إذا كبر هذا الطفل وفكر ورأى الجولان على بعد حجر من مطارح بطولتك في القنص.. لعنة تصيبك وتصيب كل من يبرر القتل
منقول عن صفحة مصطفى حاج صالح

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.