الصفحة الرئيسية / نصوص / شعر / مرسوم بحرف الــــ ت – جمال داود

مرسوم بحرف الــــ ت – جمال داود

فرمان بحرف الــــــ ت
و أذكر أن الوالي المعظم جلّ جلاله قد أصدر فرمانا ً بوضع حرف الــ ت في آخر كلمة سوري(ة) فاستبدلت الألف الامبريالية (ا) من سوريا و أصبحت سورية…و بحسب مصدر مسؤول رفض التصريح عن اسمه أن فحله الصغير حاول كتابة كلمة سوريا الأسد فانتقص إحدى الألفين “سوريالأسد” مما استدعى فورا ً فطاحل اللغة العربية من اتحاد الكتاب العرب لإيجاد حل لهذه المعضلة و كان وضع الــــ ت

.
.
و أذكر أن فخامة الوالي عظيم القدر رافع الحاجبين لم ينم شهرًا كاملا ً من أجل استصدار قرار بهذه الأهمية
و قد نزل المحتفلون عن جِمالهم و خلعوا نعالهم وحيدة الإصبع و دبكوا و رقصوا طويلا ً لولادة حرف الـ ت في مؤخرة سورية…و قد وزعت صوره على المواطنين “ليصلوا عالنبي” و حصل كل مواطن على زجاجة مليئة ببعض القطرات من ماء استحمامه  و علبة صغيرة فيها قطع من البسكويت على هيئة جسده الطاهر…و تطهرت الإمارة المنسية و عم البخور المكان…حتى نام الشعب يومها مخمورًا منهكا ً من كثرة الصلاة على الوالي

.
.
فرمان بمنع الدخان
و أذكر أن الامبراطور المقدس سما مقامه و علا..قد واجه وحش الدخان الذي افترس الصدور و استباح كل محظور , عانى جلالته من سعال المواطنين , و ليس كما يشاع أنه يريد تقليد الأوروبيين , وقف وحده في مواجهة حلف السجائر في سائر
!!الأكوان ,  و بكل ما آتاه والده من قوة , أشهر سيف المراسيم و أصدر فرمانا ً بمنع الدخان
و من يومها عاش الشعب بهناء و بحبوحة و شكر رب السماء
 و عقدت حلقات الدبكة من جديد , المخبر يمسك بيد الوليد , اللصوص يعتلون قبة المشايخ و المطارنة و يخطبون !!عاش الحاكم قاهر الأحزان
!!أخيرًا أيّها الجولان…انتصرنا على الدخان…عدونا الوحيد

.
.
فرمان آخر بإضافة حرف الـــ ت قبل 15 – 3 – 2011
و لما استوى على عرشه , و خرت له الرقاب ساجدة , و اصطف الشعب كله في طوابير المازوت و الخبز و الماء…قرر اصدار مرسوم يحدد ثمن الهواء , و أسس وزارة خاصة لبيع الهواء , و هتف الشعب
!!شكرا ً…الشعب بحاجة لأكل الهواء
و أذكر أن الحاكم الأعظم تقدس سره قد أصدر فرمانا ً بوضع حرف الـــــ ت في مؤخرة التبولة منعا ً لللغط الذي تفشى في اللغة العربية , حيث أن التبولة قفزت فرحة لصون شرفها و الحفاظ على مؤخرتها بتوكيد حرف الـــ ت
و أصدر جلالته فرمانا ً بإضافة الـــ ت إلى عدة كلمات “تطلب السترة” , هبت جميعها تنشد مراسيمه الحكومية
و قد تصدرت لائحة هذه الكلمات كلمة متة لما لها من شعبية واسعة و معجبين داخل الإمارة..
و بعد عدة سنوات من الاستقرار و ضياع هيبة الرجال أصدر جلالته مرسوما ً بتفوير الحليب قبل شربه , و بإغلاق باب الحمام بعد الخروج منه , و بارتداء الجراب الصوفي المبطن قبل النوم , و بإعطاء المولود اسما ً عند الولادة , و بوجوب أكل تفاحة كل يوم , و مراسيم مهمة أخرى لم تتسع لها كتب التاريخ و مكتبات دمشق على قلتها
غير أنه غفل أو تجاهل إصدار مرسوم بتعريف كلمة حرية , فبقي اتباعه يجهلون معناها إلى اللحظة 

.
.
ساحة العباسيين – 8 سنوات من النضال
سقطت ساحة العباسيين في يد العمال و شركات الإعمار , احتلوها لمدة 8 سنوات ثم
!!دكوها بالألوان القرمزية التي لم تعجب أحدا ً من سكان المنطقة و المناطق المجاورة
 و قبلها كانوا قد استطونوا ساحة الأمويين مدة 7 سنوات تناوبت ثلاث أربع خمس شركات على نهب ساحة الأمويين آخرها كانت شركة خاصة “لحمشو”  جاءت قبل أو بعد استغاثة مؤسسة الإسكان العسكري…صاح الوالي لماذا أنهيتم الساحة في عهدي و ما الذي سيصلحه من بعدي نجلي الصغير
!!؟ 
العديد من العمال ماتوا في أسطورة نفق الفيحاء!! لايهم المهم السيارات الآن تستهلك وقود أكثر عند النزول في النفق..و البنزين يزداد سعره و لا أحد يجروء على الاعتراض
 !!
ثلاثة عشر جرح في دواليب الذاكرة هو عدد “الريغارت” من ساحة الأمويين إلى جسر الرئيس
 !!
 عدد الذين ينامون في الحدائق العامة بازدياد…أسوار الحدائق تحجب رؤية الفقراء عن المارين بسياراتهم الفخمة!! تشعر الأسرة الحاكمة بالضيق…لعدم مشاهدة الناس عراة مشردين شحاذين يستجدون الرحمة
انزعوا كل الأسوار الحديدية عن دمشق!! اتركوها عارية لنرى قبحها و اهتراء جدرانها المثقلة بصوره جل جلاله
 !!
الناس في المقاهي يشتمون النظام و يحكمون على الوالي بعدم المسؤولية!! لماذا يرفع ثمن الطحين؟ و الفطائر و الحمص و الفول و الفلافل؟
لماذا يريد حشر الناس في الطوابير؟
الباصات عادت إلى الواجهة!!هذا النوع من الذل هو الذي يشعل الثورات عادة!!حشود من الناس تنتظر وصول الباص , تتزاحم في الصعود و تتصادم خلال الوقفة و النزول!!ربما يريد الوالي إعادة اللحمة الوطنية 
 !!سبحانه له حكمته في كل الأشياء
المسلسلات تنهمر علينا كزخ المطر و كلها تنتقد الأسرة الحاكمة ضمنا ً و الحكومة و الوضع المعيشي المتردي صراحة
تمثيل…هذا الشعب
يجيد التمثيل و ارتداء حلة التماسيح
!!
القضاة لازالوا يسجدون لـــــ الليرة و لابن المسؤول
 !!four seasons  
الفور سيزن يطير وحيدا ً في سماء المدينة..إنه بناء عال يستحق أن يصعد إلى قمته أحد الفقراء و ينتحر
 !!
كميرات مراقبة السرعة الزائدة لم تعمل!! أحدهم سرق الفلاشات منها أو زجاج العدسات ربما
 !!
عنفات توليد الطاقة الكهربائية الجديدة لا تتحمل شدة تيار السرقة في البلد!!المسؤولون السوريون يسرقون بسرعة الضوء.. !! 
و متى سيصدر المرسوم بإنشاء معمل قطع غيار طائرات ترد لنا كرامتنا المنتهكة في الجو 
لم يبق لدينا إلا 3 طائرات تعمل بشكل جيد!!تمثل كل سورية!!هذا العدد لم يعد يكفي لإجلاء السوريين من أي مطار في العالم في حال وقوع كارثة ما
!!كما حصل في ليبيا مؤخرًا
و من يكترث لهذا كله ؟

المهم الآن سوريا….تكتب بالـــــ ت

عن جمال داود

جمال داود
شاعر ومصور فوتوغرافي سوري مقيم بماليزيا. حاصل على شهادة البكالوريوس في الاخراج الرقمي