الصفحة الرئيسية / زوايا / بالزاوية - فادي عزام / سؤال “أنبيذي” وجواب أرجواني غامق

سؤال “أنبيذي” وجواب أرجواني غامق

بالزاوية 
لفادي عزام
خاص بدحنون
 

لا أعرف أيهما، يثير الرعب أو يستحق الاستنكار أكثر؟
مشاهد تعذيب جرحى والقتل الوحشي، أم جُملةٌ تكتب أو صيحة تطلق عنوانها سننتقم من العلوية؟
صديقي المهندس والمبرمج وريث غاندي الروحي، المسالم السلمي الأبدي، ابن الأكثرية المذبوحة، ابن سوريا التي نعرف ونحب.
شاهد للتو، فيديو به أحد أصدقائه يتعرض لتعذيب الوحشي ومن يقومون بتعذيبه لا يخفون لهجتهم ويتبجحون بطائفتهم.
أنفجر صديقي بكل ما لديه من غضب، وتوعد كل من ينتمي إلى تلك اللهجة بالسلخ والحرق والقصاص. لم استطيع لومه، وأكثر من ذلك شعرت أني أشاركه نفس الغضب واللغة الانتقامية ذاته حين شاهدنا المزيد من الوحشية الحيوانية، قلع وقطع وحرق، شيء لا يمكن تخيله فكيف مشاهدته؟
لا تلم من يكتب جملة لينفس غضبه، لا تلم من يرى أهله وأصدقائه تحت هول الموت والرعب والاهانة، ويتوعد البشرية بالمسح والسحق وليس طائفة فحسب.

لا تلم المقتول إذا توعد القاتل بالقصاص، أو حتى اتهم طائفة أو شلّخ كل ما يخص “الوحدات” الوطنية.

هو الموت يا أخي في الوطنية، وهي الجريمة كاملة الاوصاف، قاصرة عن الوصف. دعه يقول ما يريد، دعه يصرخ ويشتم كل طوائف العالم، لا تلمه إن استعان بالله أو بالعفاريت، بجبهة النصرة أو حتى بوكو حرام. لا تطالبه بالموضوعية فوق جثة أخيه أو ابيه أو وهو يحمل جثة ابنه يجلس يحملق به وهو يجلس حطام بيته حيث يرقد ابنه الثاني تحت.

لا تهين ألمه بالتخويف منه واستنكار ما يصدر عنه ودعوته بلغة مواربة أن يضمن عدم الانتقام، لا تظن بهذا أنك تحفظ الوحدة الوطنية، على العكس تماما لا أنت تمزقها.

لأن المقتول انتظر منك أن تعزيه أولا، تقف معه ثانيا، تساعده لاجتياز برزخ الالم إلى أرض الوطن، لكنه وجدك مشغول بلغة مواربة بلغة لا يفهمها بحرصك أن يبقى يدفن ألمه دون أن ينبس بكلمة.

هل تعلم أن ما تفعله يغطي القاتل باسم التعايش واللُحمة الوطنية المفرومة ” والمستقبل المشرق.
كيف تطالب من يُدمّر ويذبح أن يفكر بمستقبلك وأنت لا تعبأ بآنه الآن.؟

القاتل وحده من يلام ويهدد الحياة نفسها، إذا امتلكت بعضا من الأخلاق والقليل من ” سؤدد التعاطف ” لاتضع المقتول قربانا لوحدتك الوطنية، بل قم بإيقاف القاتل بأي وسيل، إذا لم تستطيع اخرس ودع أهلي القتلى ينوحون قتلاهم بأي لغة يريدون فأمام هول الألم حقارة العالم، فلتذهب الطوائف هي والوحدة الوطنية إلى الجحيم .

وأنت أيها الموجوع يا من اختبرت معنى الفقدان وتذوقت ملوحة الدم، إذا صادفت القاتل أقتله واشفي غليلك، إذا كان يريحك الصراخ بوجه طائفة كاملة إنها طائفة منحازة ومجرمة قل ذلك، لا تعبأ بالموضوعية، اطلق ما تريد من الاوصاف والصفات واستعن بأي أحد يحمي ما تبقى منك وأهلك. فأخوتك بالوطنية مشغولون هذه الأيام بقضم الأظافر خوفا على اللحمة الوطنية.



على الهاتف، زوجة صديقي المبرمج تتصل مذعورة، ابنه وقع في المدرسة ويبدو أنهم نقلوه إلى المشفى.
صوت زوجته كان يصلني واضحاً إنها تتكلم نفس اللهجة، إنها من الطائفة التي سيسلخها صديقي.

 

جواب أرجواني غامق.

إذا وضعتَ فيديو أو تكلمت عن مجزرة أو فكرت أن تتهم النظام بجرائمه، قد تجد بعض المرضى يسارعون ليضعوا لك شيء مقابل ويقولن لك ” وشو منشان هذول.”
فتقوم أنت بالرد، ويتورط أخر بالرد عليك، ويتدخل ثالث ليطلب التهدئة، ويدخل رابعا مهددا الجميع والنتيجة
إنك فجأة تنسى المجزرة تنسى العنف تنسى الموت و تحتشد بالانتقام الرخيص بسبب محتشد آخر بانتقام أرخص.
حين تشير إلى مجزرة ويقوم أي ” سافل بوضع ” مجزرة موازية لها ويسأل “شو من شان”
اركله خارجا دون تردد، لا تجعله يقول لك : ألستم تنادون بالحرية، أنا لدي الحرية بوضع ما أريد ؟ لا تهدر حريرة واحدة من حريرتاك بالرد على مثل هذا ” الخزعبل ” أطرده خارجا لا تسمح له بالأطلال من على حائطك أو الدخول لحيز حياتك. لا تقول يجب ان أسمع الرأي الأخر. لا يوجد رأي أخر مع الموت. لا تدعه يورطك بجدل أو يستفزك أو يشوش على الجريمة.
وإذا كان أمامك، اركله “بلبطة محكمة” في المكان الانسب، علّه حين ينخصي، يصبح أكثر ألفة.
وإذا كانت من الجنس اللطيف لا تركلها “بلبطة محكمة على اي من أماكنها الحساسة” بل ضع لها مرآة أمام وجهها وقل لها كم أنت مقززة كم أنت قبيحة!

ملحوظة: حين نقول قاتل لا نميز بأي نوع من أنواع القتلة من أي جهة قادم.

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.

تعليق واحد

  1. لا تلمه إن استعان بالله أو بالعفاريت، بجبهة النصرة أو حتى بوكو حرام. لا تطالبه بالموضوعية فوق جثة أخيه أو ابيه أو وهو يحمل جثة ابنه يجلس يحملق به وهو يجلس حطام بيته حيث يرقد ابنه الثاني تحت.
    القاتل وحده من يلام ويهدد الحياة نفسها، لاتضع المقتول قربانا لوحدتك الوطنية، بل قم بإيقاف القاتل أوّلاً بأي وسيلة؟؟؟؟
    لن ألوم أحد على كلام أو تصرّفات انتقاميّة لحظيّة مؤقّتة لم يمضي عليها ألف عام وبالكثير ستستمر ألف عام آخر!!! عادي؟ هي فترة تافهة قياساً لعمر الله وعمر المجاهدين بعد الشهادة؛ وحيث حياة أفضل بما لا يقاس!!!؟؟؟
    هذه عقلية وهي ليست مجرّد تفكير انتقامي وسيزول؟ متى سيزول فالعلم عند الله! هي عقليّة وثقافة لا ترحم أحداً ولا تقبل الحياد ولا توفّر جهداً في تأنيب وتأديب البشر على طريقتها وسراطها المستقيم..
    والمفجع أنّ من يواسي ويطبطب هو من يشجّع ويحرّض ويستذكر بأقوال وآيات من زمن
    الغزوات والجهاد الأول. وأحاديث وآيات تحرّض على الكره والحقد ولا مكان للرحمة
    والتسامح والعفو عمّا مضى…
    لا يجيدون العرب لغة البدايات الجديدة ولا يرغبون في الانطلاق من الصفر. وغالباً
    ما يتابعون المسير على طرق متعثّرة من الأنقاض وعلى أشلاء القتلى…
    متى يتعلّم العرب أنّ في البدء كان السلام…
    أن تبدأ فهذا هو الطريق..
    أن تتابع فهذا هو الجحيم…

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.