هنا سوريا

وفائي ليلا 

 

لأنها بلادي التي لا أحد الأن يصدقها
ولأنها التي أشرحها لصديقي الآن من ( الجهة الأخرى ) وهو يناقشني أنها سواها
ولأنني لا أملك أوراقاً ثبوتية للون الكحل الذي يخص عينا أمي
داكنه العميق
ولا أملك أي مستندات للمحافل التي ترفض أن تفهم أنني لم أنتبه أن كل أصدقائي يوماً كانوا من الأقليات حتى تكاثروا عليّ
لأنها بلادي التي أحفظها خطوة خطوة
وهنالك الآن من سرق من أرصفتها خطواتي
وبال على كل الأماكن التي زرعت بها ذكرياتي البسيطة بحنان جارف
لأنني لا أستطيع أن أقنع يسارياً حزن لرفات صحابي جليل نبشت
ولم يسألني عن مئة ألف تم دفنهم أحياء جميعاً وكان على أهاليهم أن يحافظوا على رباطة الجأش وأخلاق الفرسان والاحتفاظ بحق الصمت إلى الأبد
لأنها بلادي التي اكتشفت ببساطة أنها مجهولة سواي
وأنني ابنها الذي فشل في امتحانات الشرح
أطرح العالم من معادلة قلبي
مشيراً يإصبعي الى جهة القلب
هنا سوريا ….
هنا الأرض التي لم تشموا رائحتها
ولم تدخلوا بيوتها
ولم تروا إلا مسلسلات زائفة عنها
ولم تقرأوا إلا قصائد مشحونة بمبالغات جوفاء لبسيطها الحميم
هنا دمشق يقول لك الظل حين تأتي
و رائحة الزعتر والغار و الناس الذين يتجولون كل ذاك المكان بتآلف العاشق
البلاد التي تم رسمها على ماهي غيره
وتصديرها كما يريد لص سرقها قبل أربعين سنة
وضع لها أسنان فقر مخلعة
وخلع ثوب أناقتها وحولها الى التسول والفقر
هنا البلاد التي قبضها العسكر وأرغموها على المومس
البلاد التي ببساطة هاجمتها احقاد الغيرة الآتية من عقد النقص والقصور والتواضع
هنا بلادي
عروسة اللبنة
وجدتي
وبحرة بيتنا
شورتي القصير
قمر بدوي
درابزين البيت
سطحنا العالي
النساء اللاتي كتبن قصة العائلة
الرجال بأدوار هامشية
هنا دمشق
هنا قصة لا تنتهي
و اعتداد لا يفهم المرء لماذا فتي هكذا ، و مشدود هكذا، و عالي الرأس هكذا
رغم كل محاولات السلب اليائسة
والرصاص العابر
في صفحة التاريخ

 

 

 

الصورة: flickr user – Freedom house

 

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.