مو سينما

كدمات
يوسف أبو خضور
خاص بدحنون
 

 

برد و هدوء..
طفل مهشم يمر مسرعاً يصرخ بكلمات كبيرة، غير مفهومة، ويختفي خلف الجدران، أنصاف جدران، محاولاً اللحاق بصوت طائرة يلوح لها ويصرخ: أنا هنا..!!
ذاك الفتى كان يدندن لحن أغنية شعبية ويتلعثم بها عندما كان يجمع الرصاصات الفارغة من الشارع…. رصاصاتٌ لا تزال ساخنة، والأغنية المتلعثمة مستمرة..
الطائرة هي وسيلة للسفر إلى عالم آخر..

رجل عجوز .. يداه متشابكتان خلف ظهره المحنيّ بفعل الزمن والبلاد.. ساكن أمام دبابة محروقة، يحرك رأسه للأمام قليلاً وللخلف قليلاً، محاولاً قراءة شئ ما على الهيكل، كلمات كتبت قبل الحريق أو بعده ربما..
كلاهما بقايا شئ ما..

باب قديمٌ متهالك، لا يتوقف عن الفتح والإغلاق.. تطلّ منه فتاة برأسها، تنظر يميناً ويساراً ثم تختفي لتعيد الكرّة من جديد… لا أحد يعبر الشارع، ولا صوتَ يعنّفها من الداخل… تلك الفتاة كانت تمسح بقع الدم عن الأرض والجدران، لا تعرف شيئاً عن اللغة، حتى أنها وجدت نفسها عاجزة عن ترتيب شتيمة لائقة، وعندما أسعفها التراث بشتيمة لم تعرف لمن توجهها….
أخذت تدندن لحن أغنية شعبية وهي تنظف بقع الدم عن أرض وجدران منزلها….
للباب والشارع مع الفتاة قصة قديمة تزخر بالتفاصيل، أضاعت القصة تفاصيلها..

جموعٌ بشرية وحركة نشيطة، لا أراها الآن، لكن الشاب ذو الأنف الأحمر المقرفص أمام محله الفارغ يراها، ويبتسم وهو يرد السلام مع إشارة بيده تحث المارّ اللا مرئي على الدخول..
العين التي اعتادت رؤية النهر البشري، لم تعتد الجفاف بعد، واليد التي اعتادت الحركة لم تعد تمتثل لأوامر الذاكرة…

حقيقةً، لا يوجد في الصورة أمامي شئ، لا طفل ولا عجوز ولا رأس فتاة ولا شاب بأنف أحمر… لا يوجد إلا شلّة من الأكاذيب تجلس على المقهى المهجور، وتراقب الهواء البارد وهو يقلب صفحات كتاب ممزّق في منتصف طريق موحل…
ما بين الوحل والهواء يظهر عنوان الكتاب في لحظة هدوء “نعيشها لنرويها”.

 

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.