الصفحة الرئيسية / صحف وترجمات / إن انتهت.. كيف ومتى تنتهي الحرب في سوريا؟ – الجزء الثاني

إن انتهت.. كيف ومتى تنتهي الحرب في سوريا؟ – الجزء الثاني

كيثيث بولاك
وشنطن بوست
 

نشر هذا المقال قبل عام كامل في ١٠ تموز ٢٠١٢

لم يختلف الوضع ولا النتائج كثيراً حتى الساعة

لذلك نعيد نشره هنا على جزأين (الجزء الأول)

علنا نفهم بعض ما يجرى حولنا نحن السوريون

 

إنهاء حرب مقابل بناء أمة:

ومن الناحية التاريخية، يتمثل البديل الحقيقي الوحيد بالنسبة لأي قوة أجنبية تريد إنهاء حرب أهلية عن طريق اختيار الطرف الفائز في قمع الجماعات المتحاربة ثم بناء عملية سياسية مستقرة كي تحول دون مواصلة الحرب. وتعتبر الوسيلة العسكرية لإيقاف الحرب سهلة نسبيا، ما دامت الدولة التي ستقوم بالتدخل على استعداد لجلب ما يكفي من القوة واستخدام التكتيكات الصحيحة. أما الجزء الأصعب فهو التحلي بالصبر الكافي لبناء نظام سياسي جديد وفعال. يكشف وجود السوريين في لبنان وقوات الناتو في البوسنة والاستراليين في تيمور الشرقية والأميركيين في العراق عن الإمكانيات والمخاطر المتعلقة بهذا الأمر.

تعد هذه هي الطريقة الوحيدة لوضع حد للعنف من دون التسبب في حدوث أعمال قتل جماعية ضد الطرف الخاسر. يمكن أن تحول هذه الطريقة دون تفتت البلاد أو حتى اندلاع القتال بين الجماعات المنتصرة. وإذا تم تنفيذ هذه الطريقة بصورة صحيحة، فمن الممكن أيضا أن تمهد الطريق أمام بناء ديمقراطية حقيقية (مثلما بدأت الولايات المتحدة الأميركية القيام به في العراق قبل انسحابها في العام الماضي)، وهو الأمر الذي ينتج عنه المزيد من الاستقرار على المدى البعيد.

ولكن هذه الطريقة ليست رخيصة، حيث إنها تتطلب التزاما طويل المدى بتقديم المساعدات العسكرية والسياسية والاقتصادية، بينما يمكن التخفيف من أعباء هذه التكلفة في حالة حدوث تدخل متعدد الأطراف، كما كان الحال في البوسنة وكوسوفو، بدلا من بذل جهود كبيرة من جانب واحد على غرار عمليات إعادة الإعمار التي قامت بها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان. وفي حالة سوريا، فهذا يعني أن الولايات المتحدة لن تكون الدولة الوحيدة التي تتحمل التكلفة، فالدعم التركي والأوروبي والعربي سيكون مهما كذلك.

وفي الوقت الراهن، لا توجد هناك أي رغبة لدى الولايات المتحدة للتدخل في سوريا على غرار ما قامت به في البوسنة، وهذا أمر غير مفهوم. فعلى خلاف ما حدث في ليبيا، لم تكن الكوارث الإنسانية التي تتكشف تباعا في سوريا كافية لتحفيز الولايات المتحدة على التحرك. وعلاوة على ذلك، ليست هناك أي مصالح جوهرية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة في سوريا، حيث إنها لا تمتلك احتياطيات نفطية كبيرة ولا تعد شريكا تجاريا رئيسيا ولا حليفا للولايات المتحدة ولم تكن يوما دولة ديمقراطية. لذا، فإذا احترقت سوريا برمتها، فقد يمثل ذلك مأساة بالنسبة للشعب السوري ولكنه سيعد أمرا عديم الأهمية بالنسبة للمصالح الأميركية.

ولكن الأمر الذي قد يمثل خطرا حقيقيا على المصالح الأميركية هو انتشار الحرب الأهلية السورية إلى بقية بلدان الشرق الأوسط. عادة ما تنتشر الحروب الأهلية عن طريق تدفق اللاجئين وانتشار الإرهاب ولجوء سكان دول الجوار إلى التطرف، فضلا عن تدخل وانتهازية القوى المجاورة، وسوريا لديها كل هذه السمات المميزة لحدوث وضع سيئ للغاية.

وفي أسوأ الحالات، فإن اندلاع حرب أهلية في أحد البلدان قد يسبب قيام حرب أهلية في بلد آخر، مما قد يؤدي إلى حدوث حرب إقليمية. تنتشر أعمال العنف الطائفية بالفعل في سوريا والعراق ولبنان، وجميعها دول هشة وعرضة لاندلاع حرب أهلية، حتى من دون أن تكون ناتجة عن عدوى مقبلة من دولة أخرى. تقوم تركيا وإيران بالعبث في سوريا، عن طريق مساندة الأطراف المختلفة ومطالبة الأطراف الأخرى بالتوقف عن القيام بالأمر نفسه. ربما يدفع انتشار الإرهاب أو زيادة نفوذ إيران حتى إسرائيل المترددة إلى الدخول في هذا الصراع – تماما كما دفع انتشار الإرهاب وزيادة الهيمنة السورية إلى دخول إسرائيل في الحرب الأهلية اللبنانية منذ أعوام كثيرة.

هذا هو ما ينبغي علينا مراقبته فعليا، حيث إن انتشار العنف قد يرغم واشنطن على التفكير في حلول حقيقية للصراع السوري بدلا من الانغماس في عروض جانبية تافهة. وإذا جاء هذا اليوم، فمن شبه المؤكد أن تنحصر خياراتنا بين اختيار الفائز أو قيادة تدخل متعدد الأطراف.

تشير التقديرات إلى أننا سوف نبدأ بالاحتمال الأول، فإذا فشل في تحقيق نتائج ملموسة فسوف نتحول إلى الاحتمال الأخير. ربما يبدو هذا أمرا بعيد المنال، ولكن يجدر بنا أن نتذكر أنه في عام 1991، لم يكن هناك أي شخص تقريبا في الولايات المتحدة يدعم تدخل متعدد الأطراف في البوسنة تقوده الولايات المتحدة، ولكن بحلول عام 1995، قامت الولايات المتحدة بهذا الأمر في ظل وجود إدارة ديمقراطية.

 

تمت.

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.