الصفحة الرئيسية / نصوص / نثريات / تبيع السيف يا عنتر !!!

تبيع السيف يا عنتر !!!

 مثنى مهدي

 

تغيرت بعد حرب لبنان 2006 . أو ما يُسمّى حرب ” تموز ” الكثير من المفاهيم.
ظهر نوع جديد من البشر كان يُوصم بالحمرنة.
“عُملاء” الأمس. أبطالٌ ومقاومين اليوم.
فترة انفتاحٍ جديدة تجتاح سوريا
فُتحت الكثير من الأمور. أهمها بعض الأبواز التي كانت مكمومة
ومما فُتح . أيضاً: ” البيت السوري ”

كان البيت السوري في حلب. هو الجناح الــ ” اجتماعي ” للحزب السوري القومي الإجتماعي
منزلٌ في منطقة الفرقان. يُفترض به أن يكون “مقرّاً ” للاجتماعات
وهذه حقيقة. اجتماعات الكافتريا التي تقدّم الأراكيل. صالة البلياردو. صالة الانترنت
كميةٌ جيدة من الشباب الجائع للعمل “اليساري” الذي كان يسمع عنه سَمَعاً في قصائد درويش
وأغاني زياد وجوليا بطرس
بالنسبة لي أنا وإيهاب أبو حلقة. كان الجوع “رفيقنا” المُخلص في ذلك العام.
الجوع للأكل، لتضييع الوقت وللنسوان
ومما كان يُعرّف عن الأحزاب اليسارية. وود المُزز والنسوان بشكل اعتيادي في مقرّاتها
البيت السوري كان مكاناً جميلاً بحق لكي نلتقي و نجد بسهولة موضوعاً للحديث
الحديث عن تاريخ الحركة الوطنية في لبنان، عن الدخان، عن أن لكل انسان وطنان، و عن عرق الريان
أنا وإيهاب نصول ونجول في حلب دون وجهة، لكن ذلك العام كانت البوصلة ثابتة

البيت السوري يروج للحزب القومي بطريقة بدائية جميلة, يوم لعرض فيلم سينمائي “نخبي”
يومٌ لأمسية شعرية مقاومجية. يومٌ للفرقة المسرحية “الجادّة ” يوم لنقاش أحد الكُتب التي تركها أنطون سَعَادة

إيهاب كان طالباً في كلية الإقتصاد. لم أُعره انتباهاً كبيراً عندما حدثني عن غفوته في المحاضرة التي كانت تتحدث عن
أصول البيع والشراء في شيءٍ ما.
 
………..
 
مساءٌ في البيت السوري. أمسيةٌ شعرية لأدباء الحزب المغمورين الذي غيبهم حُكم البعث لسنوات.
واتهمهم بأبشع صفات العَمَالة. ومُعاداة الثورة
تُطالعك صور جورج ابراهيم عبد الله.- مجدي الصايغ – خالد علوان – سناء محيدلي
شُهداء الحزب ومعتقليه. الذين يُشبهون في أسلوب مقاومتهم سابقاً إلى حدٍ بعيد. أسلوب جبهة النُصرة الإرهابية اليوم
أبطال الحركة الوطنية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين آنذاك. كانوا مقاويمن استشهاديين.
يساريين علمانيين. لا يُمكن أن يوصفوا بالإرهاب. مهما كانت الوسيلة المُستخدمة في صد الصهيوني

الحزب السوري القومي الإجتماعي الذي لا يعترف بالطوائف في الأمة السورية الكُبرى. يكره اليهود !!
صورة أنطون سّعّادة المأخوذة له من جنب. وكأنما كانت تُحضّر لكي تُطبَع على العملة المعدنية
والشاعر في تلك الأمسية يُغرّد قصيدة كان عنوانها:

” تبيع السيف يا عنتر !! ”

شتيمةٌ مُقفاة. للعرب المتخاذلين. الذين التزموا الحياد في (حرّ) تموز.
لا بل ربما انحازوا في رأي الشاعر إلى حدِّ كبير.
للمشروع ال” صهيوني الإمبريالي ” في مواجهة المقاومة الإسلامية في لبنان ” حزب الله حالياً “.

تبيع السيف يا عنتر!!!. رسالةٌ أيضاً إلى كل المناضلين السابقين الذين خمدوا. متأثرين بتهجين السجون.
الذين تركوا السلاح وفضّلوا العيش بسلامٍ بعيداً عن كل هذا الضجيج. مُكتفين بكتابين لكونديرا وألبير كامو و أسطوانةٍ موسيقيةٍ للشيخ إمام

الحركة الوطنية في لبنان بقطبيها العملاقين، الشيوعي والقومي السوري. كانا في مضى مُحركان للعمليات
الإستشهادية ضد الإسرائيليين, أو ضرب الحواجز الهامة. بين نقطتين استراتيجيتين. شيءٌ يشبه إلى حدٍ ما ما يحدث اليوم بين الجيش الحر والجيش النظامي في سوريا

تبيع السيف يا عنتر!!!
أُنصت مستمتعاً. بتغير المفاهيم
والانفتاح الذي يشهده البلد .
فعلاً. تبيع السيف يا عنتر !!. ألتفت إلى إيهاب الذي يجلس بجواري.
إيهاب نائمٌ

!!! إيهاب نام في محاضرة الإقتصاد صباحاً
وينام مساءً على أنغام:
تبيع السيف يا عنتر !!!
 
……………………………..
 
عندما اقتربت منه الدكتورة في المدرج أثناء شرحها, نكشه زميله الجالس بجواره ليخفف من شخيره على الأقل !!
فزّ إيهاب وبصوت عالٍ وبشكلٍ سريعٍ لا شعوري صاح حتى أطبق الصمت على المدرّج. صاح مرعوباً:

“!!!!! بيــــع ”

 

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.