الصفحة الرئيسية / نصوص / شعر / ثورة العاشق على الخريف – جمال داود

ثورة العاشق على الخريف – جمال داود

أتعرفين إلى أين يجب أن نسافر ؟
إلى بلاد لابرد فيها
.
.

قلبي فاكهة الخريف
في شهر تشرين غالبًا مايكون الطقس في بلادي مترددًا حائرًا بين الحرّ و البرد
هذه الحيرة انتقلت إلى خواطري
أنا الآن.. كالخريف في بلادي…أضحك يومًا أبكي يومًا..أصحو يومًا أتلبد
“أتساقط..لا أتـساقط…أمطر..”أحرد
!!أنعزل…أتجرأ….أثور…أتشجع ثم “يفرط” قلبي كالرمان..أوزعه على فتيات بلادي
.
.

بالأمس كنت متماسكًا
اليوم…أهرّ دفعة واحدة كأنني شجرة خريفية في بلادي
.
.

شتاء…ماليزيا
لاطبيعة كئيبة هنا…إلا تلك التي تغطي نفسي
.
.

و متى تستريح تلك الخضرة عن العبث برؤياي
في بلادي تبكي الأشجار أبناءها..كل خريف
.
.

الحنين ممنوع من العودة
منع علينا الحنين…كما منع على الذين رجعوا من قبلنا
اتذكرين ذاك الطريق المؤدي بين بيتك و هواجسي
غيماته الآن تنز قلقا ً على مستقبل الأرض
و الريح يرعبها صرير البشر أصحاب القلوب الخشبية
يا حبيبتي لا حب الآن في دمشق سوى حب المال و حب السلطة
إلى أي الأسرّة سنعود…سرير القبو الذي مارستني فيه المراهقة سرّاً ؟
أم سرير الأمن الجنائي؟
.
.

الحب الآن ضريبته مرتفعة في دمشق…يجلد العاشق إن مارس الحرية
نحن العرب…لا يدخل الحب قلوبنا إلا تهريب..أو ترهيب
.
.

البرد.. هو المؤامرة
في البدء كان “المازوت”…ثم جاءت المؤامرة
المازوت يشعل أكبر ثورة في القلوب الورقية
مدفأة الحطب تآمرت علينا…لأنها انقرضت
“شركة الكهرباء تآمرت علينا…فاتورة الكهرباء في بلادي” تقطع المسمار
و كيف نشتري الدفء ؟
ذات شتاء…بردت حتى عجز البرد عن بردي
حقا ً إنها مؤامرة…البلاد التي تجمد فيها الضمير…لاتثور إلا بمؤامرة
.
.

أشتاق للبرد…لا ليس ذاك الذي جمد قلوبكم…. أصدقائي
أشتاق للبرد…كما يشتاق القط “لخنّاقو”
.
.

و كيف لي أن أقرأ ذاك البرد الذي فيكم؟
في مكتباتكم الخاوية إلا من كتب الدين ؟ في ايقوناتكم الدينية المعلقة على جدران بيوتكم و سياراتكم ؟
كيف أكسر حاجز الصقيع الذي بيني و بينكم؟
لا اتذكر كيف كان البرد في بلادي..اتخيله على شكل قطع لحوم مجمدة في المسلخ
أو براد الجثث
.
.

البرد في بلادي لئيم اتجاه المشردين… الذين يشحذون خانات سورية
البرد في بلادي يغتصب نساءً و رجالاً بمعاطف بالية
البرد في بلادي لاهوية له ولا زمن ولادة
قد جاء هكذا… معنا.. مع آبائنا… مع الخوف الذي جبلنا عليه
.
.

لحظة موت الفقيرتلك الساعات الثمينة التي تملأ واجهات المول الذي أعمل به…ربما زمنها أبطأ أو أثمن
زمن الأغنياء له قيمته… ساعاتهم باهظة الزمن
الأغنياء لايمكن إقناعهم بسهولة… عندما نتحدث بلغة الفقر
هناك آلاف الفقراء ماتوا في “لحظة” مرت على إحدى ساعات اليد الثمينة التي يرتديها غني
.
.

hug
لا ليس الشوق للبرد من يخط لكِ رسالتي
إنه الحنين لل
hug
التي تتلو البرد
.
.

hacker
لا لست أنا الذي تحدث لكِ ذاك اليوم بتلك اللهجة
أحدهم قد هكّر قلبي و لساني
.
.

حق الرد
يحاول الخريف العبث بمشاعري , علني أسقطكم من ذاكرتي
أحدهم طمس وجوهكم في الطين… لكني أعلم أنكم تحتفظون بحق الرد
حتى يرحل منكم… البرد
.
.

الثورة… أبجدية الفقرالأغنياء هم الرابحون دومًا….لأنهم ينتظرون أحدهم ليفوز…ليعلنوا وقوفهم معه منذ البدء
الأغنياء لم يقفوا طابورًا واحدًا على الأقل…لشراء الخبز أو المازوت أو لركوب الباص أو لبيع دفتر المازوت خلف مبنى المحافظة بـ 10 آلاف ليرة سورية

لم يزجرهم ذاك الموظف و ينعتهم بألفاظ لايطيقونها من أجل 50 ليرة رشوة
لم يتمادى عليهم فرخ صغير بسيارة بيجو 504
لم يذلهم شرطي الأخلاقية من أجل 300 ليرة
لم يجلسوا جلسة القرفصاء في السرفيس
ربما لذلك… هم لايفقهون معنى الثورة
مهما حاول العاشق الفقير.. شرحها لهم
.
.

فلنرحل إلى بلاد لايحرّم فيها… الدفء
قال أحد الشهداء: عندما التصقت إلى تلك المرأة مصادفة…احمرت وجنتاي و استوى قلبي و طقطقت أحلامي قهرًا… عرفت يومها إني سأقطف ذات خريف
و بعدها… سأشعر بالدفء.. إلى الأبد
.
.

يقتلون الاطفال لأنهم جمعوا أوراق الخريف في قلوبهم…و انعشوا شوارع المدينة الهرمة
.
.

في الجرائد الرسمية يقول أحد الذين باعوا ضميرهم في مزاد لاعلني
أحد الأطفال مات بجرعة كرامة زائدة…لاندري من أين استنشقها
.
.

أيها الخريف…لن أغفر لك يوما ً…. قبحك
أيها الخريف…لو كنت تشعربنا كما تدعي…فلتهبط أمطارك لتغسل دماء الأبرياء في بلادي
أيها الخريف كف عن لعب دور الفصل…أنت مجرد فترة زمنية بين الصيف و الشتاء
أيها الخريف لو كنت حقيقيًا…قل شيئاً…ينفي عنك صفة العدم و الكآبة
أيها الخريف…لماذا وجهك وجه الطين؟ تحاول قتل اللون , تحاول قتل الشمس فينا ؟
تحاول تقليد الإنسان الذي لا رأي له فينا ؟
خذ مشاعرك الصقيع و انصرف عن بلادي
فقد جمدت الضمائر

أيها الخريف… هل أنت تشبه طبع الغني؟
أيها الخريف… هل أنت ذاك السوري الذي يدعي الوقوف…على الحياد ؟
.
.

اتخذت قراري أنا لا أحب الخريف
إما صيف حار… أو شتاء صريح
.
.

فلنهاجر معشر الفقراء… كسرب سنونوات
هربًا من البرد
هذه الأرض… أرض الغني
.
.

اتذكرين يا حبيبتي.. طعم الحنين الساخن في الخريف؟
اشتاق لطقسك المتغير و لضبابيتي الدائمة معكِ
بعض الحنين الخريفي يلسع و البعض الآخر يكوي الذاكرة
.
.

إلى أين أرجع؟
لاوطن لي خارج القصيدة

لماذا أرجع ؟

بعد أن عرفت لذة الدفء

——————
عن صفحة الشاعر
جمال داود على فيسبوك

عن جمال داود

جمال داود
شاعر ومصور فوتوغرافي سوري مقيم بماليزيا. حاصل على شهادة البكالوريوس في الاخراج الرقمي