الصفحة الرئيسية / تجريب / رَجُلٌ.. بحبتي شوكولا
مجد كردية

رَجُلٌ.. بحبتي شوكولا

. حمد عبود

 

(على الورق – مشهد خارجي)
يمكن أنْ أتخيل رجلا يضعُ في جيبه حبتي شوكولا، يطرحُ الموتَ أرضاً في شارع الفرانسيسكان وهو يمشي بإتجاه الميدان، يلتقط صورة بعدسة الكاميرا لذاكرةٍ انقضَتْ حياتُها بلقطةٍ من عدسة بندقية تشترك مع الكاميرا باحترافية القنص.
بهذه الـ (intro) يقدم الخيال مشهدية هذه الحياة الطويلة ويصمتُ اشتياقي للبلاد هناك.
وبكل ما لذاكرتي الآفلة من قدرة على التنفس ينبض قلبٌ أحمر غض نبضته الأخيرة.

(مشهد داخلي على الورق)
عندما أغفو سأكمل أحلام غيري المبتورة لأنها حياة طويلة بكل حال.
كم من الأحلام عليك أن تحقق كي لا تخذل أصحابها الراحلين وأي أمانة مهولة هذه؟ وكم من الأحلام ستتجاهلُ وتتفادى لكي تنام على بياض، لا بد وأنها كثيرة!
ابقَ مستيقظا معي إذاً، هناك أحلام مشوّهة جرّاء حربٍ وتوائمها اللئام.

**

(مشهد خارجي)
في الطريق إلى الميدان هناك شهيدان لم تبرد الدموع عليهما بعد، لذا تجنب ملامسة حواسك إنْ استطعتَ وارفعْ رأسك عاليا فأنت تمرُّ بشوارع مسماة تيمنا بشهداء جدد، كنتَ تحادثُ أحدهم البارحة على السكايب دون أن تعلم بأن كلماته الأخيرة ستكون هدية وداعية ستستمر إلى آخر الحزن وكيفما اتفق الحزن عليك أيضا.

(حساسية عاطفية لا بد منها )
لم تكن لتتخيلَ شيئا مما حصل ويحصل، ولو نفضتَ جيوبكَ من الخيالِ كله، حياتُكَ السابقة باردة وأنتَ الآن محمومٌ بفكرةِ الفقد لدرجة أنك تجمعُ أرقام هواتفك في ورقة واحدة وصور عائلتك في مغلفٍ واحد وصور حبيباتك أيضا في كرتِ ذاكرة واحد وتعلقه حول رقبتك، مع أنك تعرفُ حساسية كل منهنّ اتجاه الأخرى.

في الطريق الى الميدان ستعرف بأن الشبابيك التي تشابهتْ في الماضي تحكي الآن قصصا مختلفة، من الخوف إلى النجاة مرورا باللامبالاة.
في السابق لم تكن تعرف شيئا ذي قيمة والآن تعرف كل شيء مع أنك لن تصل إلى القيمة المرجوة.

 

-يا رجل ابقَ قليلا لأحكي لك تتمة الحكاية –

هناك رجلٌ يحمل في جيبه حبتي شوكولا وفراغ قلبه لا يملأه إلا الفقد المتورم، لذا قم وصلِّ معي لكي يسمح الخيالُ لرجلٍ ببندقية وكاميرا بأن يكمل طريقه ليعطي أمرأة مكتملة كوطن وطاغية كقذيفة حبتي شوكولا من جيبه بعد أن أخذ صورة بانورامية لهذه الحرب.

 

 

الصورة: مجد كردية©

عن حمد عبود

حمد عبود
مواليد دير الزور هندسة اتصالات -جامعة حلب له مجموعة بعنوان " مطر الغيمة الأولى " عن دار أرواد - طرطوس محل الإقامة غير ثابت حالياً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.