الصفحة الرئيسية / تجريب / الشرفة التي تطل على لا شيء..

الشرفة التي تطل على لا شيء..

حمد عبود

 

أستطيعُ أنْ أكتبَ الكثير من القصائد التي سوف تهزُّ عالمي، سأغلق عيني اليمنى وأكتبُ ما تهمسُ به شياطيني وأخلِطه بالقصص النبيلة أو أنْ أنامَ على جانبي الأيسر، ولن يعني ذلك بأنّ العالم سيصبح أفضل ولو بقليل. ستكون هذه القصائد أحلاما سيئة بل وسُيحدِث كوم التعويذات المتساقط من هذه القصائد فوضى عارمة ,فتَعِدُ نفسَكَ بأنّكَ لنْ تقرأ لهذا الشاعر بعد اليوم فقط لأنه لم يُسمِّ بالله و هو يمارس عادته في تغيير العالم، هنا أستطيعُ أن أتخيل الكثير من الأشياء:

– قطة بحساسية من الفئران

– شارع لم يعرف كلمات الوداع

– نهر لم يألف الغرق

– “أنا” تأتي حولها الكثير الكثير من الضمائر الحنونة نكاية بالوحدة.

كل ذلك والعالم سيبقى أبلهاً مستديرا ويتحسسُ قرعته من الخيال الذي لا يُطعم خبزا برغم الجوع، فأصيح وأنا بكامل عدتي الخيالية: الأحلام ستحدد معسكرات العالم الجديد، الأحلام المتطرفة، البرجوازية والكوابيس الاستعمارية إلى آخر هذه المصائب الموقوتة، الموقوتة بدقة.

اشتروا قبل أن تنفذ الأحلام الوردية.

يوما ما ستسن معسكرات العالم الجديد كوابيسها على من يتداول الأحلام الكلاسيكية بحجة التطور، سيقولون وهم يدقُّون مسامير كفنها الأخير: عالم جديد بالفعل!

على كل حال؛ أرى الآن على الحائط المقابل كتيبة نمل تسحل كفافها من أحلام بائسة وبائته لذا عندما ينكسر ضرسك وأنت تعضُّ على الحلم، أتهمِ النمل بذلك وأخلِ مسؤولية الحياة، لا يجب عليك ان ترمي كل شيء فوق ظهر الحياة الغشيمة لندع هموم العالم ملفوفة “بالسولوفان” حتى تصل الفاتورة الى عتبة بيتنا، عندئذٍ سنتعامل معها كأنْ نهربَ من النافذةِ الخلفية من دون أن نتركَ ملاحظة لمن نحب.

لحينها أستطيع أن أعزفَ على طبلة أذنك لحنا من نوتة واحدة:
اسمكُ مثلا يكفي لأن تنفرج أساريرك لسماعِ حركاتهِ.
ذنبُكَ أيضا يصلح لشيء آخرْ.
الأملُ كخاتمة متلازمة مهدئة أيها العالم.
تكشفتْ عورتك أمام الكثير، أنت موبوء وإلا لما أبعدتْ الطيبين عنكْ.

البارحةَ أيها الرفقاء قد مات شاعر طيب كان يحلم بدراجة؛ هل أدركت لماذا أنت موبوء ولو لم تكن؛ لما ماتَ طفلٌ طيبَ القلب بحسرة أنْ تكونَ ملعبا لطفولته.
اغضب مني إن أردتْ أيّها العالم، لكنك ستفتح عيناك يوماً ولن تجد من يتسلى معك أو يرقص على معدتك رقصة استسقاء للحب.
يجبُ أن تشعرَ بمن حولك وإلا سأكونُ نادماً على كيسِ القمامة الذي مشيتُ ثلاثين مترا فقط لأضعه في مكانه.
على الشرفة التي تطل على لا شيءْ
هاهنا أنشرُ غسيلي مطمئناً لأنَّ الجميعَ ينظرون الى الناحية الأخرى.

 

 

 

الصورة: ياسر صافي©

عن حمد عبود

حمد عبود
مواليد دير الزور هندسة اتصالات -جامعة حلب له مجموعة بعنوان " مطر الغيمة الأولى " عن دار أرواد - طرطوس محل الإقامة غير ثابت حالياً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.