الصفحة الرئيسية / نصوص / رأي / الشعب يريد إسقاط النظام السائد والنظام القائد
البعث، سوريا،

الشعب يريد إسقاط النظام السائد والنظام القائد

وسيم أبازيد

 

لنفكر بهدوء ، ونحلل ببساطة المواطن العادي بنية النظام السوري منذ تبلور كنظام عصبوي مافيوي منذ العام 1970 …

اولاً : التعريف:
النظام ليس الاشخاص ، ولا ما يمثلّون من انتماءات اثنية او ايديولوجية او دينية او وظيفية ، وإنما مجموع علاقات أركان الحكم ، وطريقة استخدام السلطة.وبذلك يكون ( اسقاط النظام ) هو تفكيك هذه العلاقات ، و تغيير طريقة استخدام السلطة .. وليس استبدال الاشخاص ، أو تغيير البنية ، مع الحفاظ على النظام السائد .

ثانيا : النظام السائد والنظام القائد :
النظام حسب تعريفنا المبدأي له في ( أولاً )، يمتد من القاعدة الاجتماعية للبلد الى رأس السلطة الحاكمة.. ما يجب اسقاطه، هو النظام السائد، وليس فقط النظام القائد، بل إن الفهم الجدّي لهذا الشكل من العلاقة بين السائد والقائد، يستلزم الإدراك، أنه لايمكن إسقاط النظام القائد ( الحاكم ) ـ إلا بإسقاط النظام السائد في كل التراكيب الاجتماعية والدينية والسياسية… وإن ليس قبله ، فبالتزامن مع العمل ( الثوري – السياسي والفكري والدعوي والعسكري والمدني ) لإسقاط النظام القائد .

الثورة بتعبيرها، هي كسر للنظام السائد، والثورة السورية العظمى قامت بهذا الكسر في شرارتها الأولى، لكن أحد أكبر انتكاساتها، هو أن النظم السائدة في كل المستويات اعادت تشكيل نفسها ( بحكم خبرتها ) واستعادت السيطرة على الثورة نفسها… ولم تسمح لها بإفراز طليعتها الثورية الجديدة، التي تقود نشاطاتها وتجسّد أهدافها وتنظم فعالياتها.. وبذلك تكون الثورة وُئدت أو غُدرت بأحسن الاحوال…

ثالثاً، التوصيف :
النظام القائد، هو ليس نظام الطائفة العلوية، ولا نظام حزب البعث، ولا نظام العسكر ورجالات الامن، ولا نظام هوامير المال.. هو نظام ( أجزاء ) من كل تلك الأنظمة السائدة، وظّف لتعزيز سلطته كل جزء قَبِل أن يكون خادماً لنظام الاسد، مقابل حصّة غير محددة مسبقاً، وإنما يحددها حجم الخدمات والدور الذي يلعبه كل جزء في سبيل تعزيز السلطة وبنفس الوقت، مارس كل أنواع القمع والتنكيل بكل جزء آخر من أي انتماء كان اثني أو طبقي أو اجتماعي أو طائفي أو فكري.. حاول أن يرفض هذه المعادلة التي فرضها حافظ الاسد، واستُخدمت أجزاء الأجزاء المتبقية كقطيع منتج للثروة التي ستتقاسمها الأجزاء المتحالفة بإدارة الدائرة التنفيذية في مؤسسة ( نظام ) الاسد.

رابعاً : حال النظام القائد، هرم متعدد الرؤوس
بما فعله النظام من تجزيئ المجتمع السوري ، لم يقم بتوحيد الاجزاء تحت رأس هرم السلطة ، وربما لأنه لايريد ، فتوحيدها يعني صنع كتلة من الاوغاد المنتفعين والوصوليين سيشكلون خطرا ان اتفقوا على رأس النظام نفسه ، لذلك هنا نميّز بين مرحلتي حكم الأسدَيّين ، حافظ وبشار .فمرحلة حافظ الاسد ، كانت تتميّز بحنكته وقدرته على ايجاد التوازن المطلوب للاستقرار ، بين رؤوس الهرم السفلي ، رغم نزوع بعضها للارتقاء الى مستوى رأس الهرم الأكبر ( خوفو السوري ) ، – كرفعت الأسد مثلا – ، إلا أن الاسد الأكبر ، استطاع أن يقتل هذه الطموحات الفرعونية الصغيرة مهما بلغت قوّتها وامكانياتها البشرية والمادية .واستطاع حتى أن يجهّز رأسا بديلا تمثّل بباسل الصغير ، وقام بتكبيره على مهل ، إلا أن أجزاء السلطة الأخرى قامت بحسم الأمر مبكّراً وحيّدوا باسل قبل بلوغه مرحلة الرشد السياسي السلطوي .وباغتيال باسل ، أيقن حافظ أنه لم يعد قوياً كما كان ، وخصوصاً أنه قطع بيده بقسوة ذراعه الأيمن شقيقه رفعت ، الذي كان ذراعا صلبة و مخلصة لأبعد الحدود ، رغم طموحها بالاستطالة أكثر ، وفيما بعد فقأت عينه اليمنى ( ابنه باسل ) ،، فعلم أن البديل الجديد لن يكون سوى رأس هرم متعدد الرؤوس ، ولن يكون الأعلى بينها ، وحتى هذا الرأس الجديد ، أدرك ذلك مسبقاً ، وقبل بالدور ، والمكان ، و راقب ببلاهة كيف ارتفعت من حوله الرؤوس القديمة لهرم أبيه ، وكيف برزت من جوانبه رؤوس جديدة ، في كل الاتجاهات ،، حتى الأفقي منها ،،

خامساً، الوسيلة:
1- الترغيب والترهيب ،
تم وضع التاجر والبعثي والعلوي والسني ، المدني والعسكري ، الكردي والعربي  ، أمام ثلاثة خيارات واضحة وصريحة ومباشرة  ، إما أن تكون الجزء الخادم لنظام الاسد ، أو أن تكون الجزء ( القطيع ) ، أو أن تكون الجزء المعارض للنظام .. وبذلك ستتلقى كل أنواع الترهيب والتنكيل والتصفية .

2- الترهيب والترهيب،
بعد أن تم فرز المجتمع على أساس الخيارات الثلاثة السابقة ، لم يعد من دخل الى حظيرة النظام القائد ، يتمتع بمردود خياره الآمن والمجدي على المدى القصير ، الذي ظنّه سيصبح سائداً ، بل انتقل النظام ( الذي قوّى الذراع الأمني والعسكري – واللذان أيضاً قسّمهما الى أجزاء أصغر ) الى الترهيب فقط ، فما أن تدخل في دوامة النظام القائد ، حتى يصبح مصيرك القاع بلا أي مجال للخروج منه مجدداً ، مع أن مصير الأجزاء الأخرى لم يكن أفضل حالاً .

سادساً، من ثار ، ومن يثور اليوم:
من ثار في بداية الثورة ، العلوي المحطّم ضد العلوي المنتفع ، و السني ( على السجيّة ) ضد شيوخه المتخاذلين ، والمجند البسيط ضد الضابط الفاسد ، والدكنجي الدرويش ضد الرأسمالي المتوحّش ،  والبعثي النصير الاجباري ، ضد القيادة القطرية و الامين العام ، و الشيوعي والقومي السوري والناصري الاشتراكي ضد قياداتهم المنبطحة تحت أقدام الأسدين ، والكردي ( المعثّر ) ضد قياداته السائدة الشوفينية القذرة .تحاول زعامات الأنظمة الجزئية السائدة ، كل حسب مصالحه ( الجزئية ) ، أن يجر الثورة الى حانوته ، فالشيخ السني يقول أنها حرب ضد النصيريين والكفّار لإقامة الخلافة ، وقطيع من السنة يتبعه ، والمعمم الشيعي يقول أنها حرب ضد الوهابيين التكفيريين وأحفاد معاوية ، للثأر للحسين ، وقطيع  من الشيعة يتبعه ، واليساري ( السلفي ) يقول أنها ثورة الكادحين والمهمّشين ضد مستغليهم من الرأسماليين ، لإقامة ديكتاتورية البروليتاريا ، والقومجيين يريدونها ثورة ضد الاقطاع ولإقامة دولة الوحدة العربية الاشتراكية ، وشوفينيو الكورد يريدونها ثورة ضد الحكم العربي ولإقامة دولة غرب كردستان ،

وبذلك هم يقومون بتجزأتها ، وتفتيتها ، تماما على خطى معلّمهم، النظام الأسدي القائد ،

و الشعب الثائر ( الذي اختار أن يكون القطيع في عهد الاسدين ) ، يتيه من جديد ، ويرى باضطراد أنه يتجه نحو انتاج عدة  أنظمة سائدة ، مسوخ عن نفس النظام القائد .

من يثور اليوم ؟ لا أحد..

من يجب أن يثور الآن، نحن أجزاء الأجزاء ( القطيع ) المتفتت و التائه و المغدور … على النظام السائد قبل القائد ، فما يقود هذا النظام القائد الى اليوم ، سوى أجزاء كانت وستظل أجيرة له ، وإن أسقطنا النظام القائد فقط ، فسيُنتج رجالات الأنظمة الجزئية السائدة نظاماً متوحشاً جديداً .. سيحتاج أكثر من هذه الدماء ليرتوي ،، ويتجشأ من كل فتحات جسده ، في وجوهنا ,,, من جديد

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.