رحم، حمد الحناوي، دحنون

أريد أن أكون قنفذاً

فادي عزّام

 

1-
الثورة مثل الحب فيها نزق، خوف، ملل، غيرة ، أغاني، رقص، ضحك، وبكاء.

الثورة مثل الحب غير أنها تستخدم كلمة أموت فيك قولاً وفعلاً.
تخمدها التفاصيل، يحزنها الشك، وتدمرها الخيانة.
وخاصة الخيانة باسم حب الوطن.

2-
لا بأس بيوم آخر مغاير، خالٍ من الموت على اليوتيوب. ما دام الموت هو الموت، الأوغاد هم الأوغاد، القتلى هم القتلى. الكذب هو الكذب. وحدهم العشاق يتغيرون.

3-
تملق الحس الشعبي خطير مثله مثل تملق حس السلطة.
الأهم أن تكون أنت مثلما أنت، خاليا من حسابات البيادر، مزوّدا بالبذار اللازمة لنثرها في خصوبة فكرتك.

4-
في صدري قاموس مات
يكفي أن أفكر بك يا شام ُ
فتضاء بقلبي الكلمات

5-

بعض الثوريين” القدماء ” مثل المصريين القدماء.
الإبداع الوحيد المتبقي منهم المومياءات.
الأهرامات بناها الشعب.

6-
أعرفها لهذه البلد، كما لم يعرفها أحد.
يقول السوري العابر منها، الهارب منها، والعائد إليها..
من كثرة ما عرفتها نسيت نفسي بين نهديها والحليب أو على حافة الكحل والعمى، تحت خط الأفق أو على بياض صبرها، أعرفها كما يعرف الجرح الشهيد ويلعن الصمت الشاهد وتخر الدهشة ساجدة أمام الشواهد.

7-
تمشي فوق قمم الكون
لتكتشف أن الظلم عادة إنسانية. وأن المذيع الناصع البشرة لا علاقة له بالموتى
وأن الناب زميل الضرس .
النائب في البرلمان السوري مع صديقه الضرس بالتلفزيون السوري يتقنان تقطيع أوصال الفريسة.
وسيلتهم في كسب لقمة العيش تعتمد على جثتك.
تخوض في تفاهة المبررين للقتل، تشمر بنطالك الجديد المكترى من الكارفور، وتخوض في نقعة الدم، ومطخ الغضب،
على طول أخاديد البلد …

8 –
وطني سمكة، بفم سمكة، بفم سمكة، بفم سمكة
يا إله البحار ساعدني لأكون قنفذاً، فقد مللت ابتلاعي.

9-
وأنت تعتلي قصراً كبيراً، وتركب جبلاً كبيراً، ورجالك يمتطون عربات ودبابات كبيرة، وأنت تعيش في دائرتك الدموية الكبيرة، وتقتات من دماء السوريين ذوي الأرواح الكبيرة، وأنت تتصدى للمؤامرة الكبيرة، وترسل أقزامك للشتم والنفاق بالكلمات الكبيرة، وأنت تمد قامتك الكبيرة وتنتعل حذاء في قدمك الكبيرة.

ينظر إليك الشهداء من فوق ويقولون لك: كم أنت ضئيل.

عاشراً –
شعرة بين الثائر والمُثار.
شعرة بين إبليس ومكسب مؤخرته.
شعرة بين الطائفي والطوفان.
شعرة بين الإيمان والكفر.
هي نفسها الشعرة التي تخرج من العجين
نفسها الشعرة في صحن الحساء
شعرة يعمل على تربيتها الأصلع بكل أنواع المحبة.
شعرة تعمل على نتفها الملساء بكل أنواع الإبادة
إنها شعرة معاوية، التي أبقاها بينه وبين أعدائه.
الشعرة الملتصقة بمشط العظام.
الشعرة الناصعة على كتف الزوج، لتفضح الخيانة
الشعرة التي تخفي خلفها قبيلة صئبان
الشعرة التي قصمت ظهره للبعير. …….

ها أنت قد أصبحت كل ذلك
كتلة الشَعر في بلعوم سوريا.
تقيؤك هو الحل الوحيد لتوقف هذا السعال،
هذا السعار الدموي النازف من الفم والأنف والحنجرة

اللوحة – الرحم – للفنان: حمد الحناوي.

عن فادي عزام

فادي عزام
كاتب سوري، صدر له "تحتانيات" نصوص. "سرمدة" رواية ترجمت الى الإنكليزية والألمانية والإيطالية

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.