الصفحة الرئيسية / زوايا / تعالي أختي.. تعي!
بلدة حيان - حلب، لحظة اخراج الطفلة من تحت الأنقاض

تعالي أختي.. تعي!

هديل ممدوح

 

نعم لديّ أخوات وأخوة، وعائلةٌ كاملة لم ينزل فوق رؤوسهم سقف، ولم تنل منهم ولو حصاةٌ واحدة!

هذا الصباح كهذه السنة، طويلٌ طويل، هجرتهُ البراعمُ والنواعمُ والأنفاس، وفرغت الرئتين من محتواهما، وسارَ تحت الجلدِ أسرابٌ من النمل واستقرّ في الصدر وحش!

شاهدتُ الشريط فقط لأنّ ناشري الفيديوهات وأبطال اليوتيوب السوريين لا يعرفون أنّني فضوليّة لدرجةٍ لا تطاق!

أغراني العنوان فلحقت به، تسكّعتُ في صفحات الفيس بوك طويلاً وأنا في طريقي إليه، زرتُ قائمة الأصدقاء المفضّلين، تفقدتُ الرسائل، وعلى مهلٍ وصلتُ إليه، وأنا أعرفُ بقرارة نفسي أنّني سأبكي.. لأنّي لديّ أخوة!

الطفل يصرخ:
“طلعت أُختي يا شباب”

وأنا أصرخ، يا إله الحياةِ شكراً!
رفقاً بالثياب الممزقة يا إله الحياة، وبالبسمة الذائبة، وكنزة الصوف متقنة الصنع، رفقاً بالشعر المتروك لسجيّته، رفقاً يا إله الحياة!

“طلعت أختي يا شباب، تعي أختي تعي.. تعالي أختي قلبي تعي”
“طلعت أختو يا شباب”.. وأعيد الشريط.
“طلعت أختو يا شباب”.. وأعيد الشريط!

كيف احتملت السماءُ كل هذا العار، عار الموت السوريّ اليوميّ الواضح؟

كيف احتملت هذا القتل، القتل السوريّ اليومي الواضح الوقح؟

كيف استسلمت كل الصلوات واستراحت بمنتصف طريقها من أفواهنا إلى باب السما؟

هل تُقتلُ الصلاة على الهويّة.. أيضاً؟

أم أنّها تأخرت على حاجزٍ أمنيّ!؟

ماذا عن صلوات المناطق المحررة إذاً؟

دخت.. أنا في الخارج، في أكثر بلاد الله الواسعة أماناً، أينَ ذهبت صلواتي؟ من أوقفها؟

طلعت أختو يا شباب.. وأعيد الشريط!

وأصلّي..

سأرسلها في المرّة القادمة مكتوبةً إلى بريد الله.. لن أسمح لأحدٍ أن يوقفها، تلك الّتي لم تصل يوماً إلى باب السما.

 

عن هديل ممدوح

هديل ممدوح
مدوِّنة ومترجمة إلى اللغة الإنكليزية