الصفحة الرئيسية / نصوص / نثريات / أيها العجوز، نحن سندخل كتاب غينيس
وجه رجل من حلب، تصوير Emre kasap
وجه رجل من حلب، تصوير Emre kasap

أيها العجوز، نحن سندخل كتاب غينيس

سامي فياض
دحنون

 

أيها العجوز، ماذا تفعل في هذا الزحام؟ هل تبحث عن ولدك تحت الجسر مع المشردين؟ هل تبحث عنه في الخمارات؟. ربما تجده في سوق الحرامية يبيع أحلامك و أملك، و هل بقي لك أمل. أمل بحفيد تحكي له حكاية كما في الحكايات الخرافية؟. استيقط أيها الهرم. فحفيدك غير متفرغ لسماع بطولات جيل كاذبة، هناك فتاة تنتظره على الفيسبوك، امضِ معي أخبرك عن البلد التي ستدخل كتاب غينيس..

أيها العجوز تعال لأقص لك القصص، مضى زمنكم وحان وقتنا نروي الحكايات، هل اخذك إلى الجسر حيث أمواج البشر الأموات الذين يسيرون مرعوبين من نفاذ الخبز بدون القدرة على الحصول على ما يسد الرمق؟، هل أحدثك على من يعيش وهو متوف منذ سنوات، أم ترغب بمشاهدة بناء هدمته جرافات البلدية لأن المتعهد لم يدفع الأتاوة؟، أتريد السير في الأزقة حيث نبيع الكبتاغون. نحن من نتميز بالمرتبة الخامسة بزراعة الزيتون وبالمراتب الأولى بالجهاد العالمي وبأعلى عدد لأفرع الأمن في العالم!، نحن البلاد التي نتميز بتلفزيونات سيرونيكس وشركة سندس وومؤسسة الإسكان العسكري التي تسير بالمعاملة الورقية لدخول كتاب غينيس ..

نحن البلد التي اخترعت براميل الموت وأسواق المنهوبات، نحن البلد التي تملأ الأزقة بالثكالى واليتامى، زحام من الموتى، نحن البلد التي يموت فيها شخص كل عشر دقائق، والبلد التي لم يأكل أهل أحيائها منذ أشهر، نحن البلاد التي تميزها مقاهيها، فلدينا مقهى كل عشر أمتار، طاولة وأربع كراسي وصحن سجائر لكل مواطن، مقاهينا تمتاز بعبارة لم تكتب على بابها: أهلا بك عزيزي شارب القهوة، نحن نساعدك على الفشل وعلى قضاء وقت جميل لا ينفعك لا في حياتك ولا مماتك إن كان هناك من يكترث لمماتك ..

أيها العجوز، هل تكفيك هذه القصص التي ستدخلنا كتاب غينيس، أم تريد المزيد؟ هل أخبرك عن الأطفال الذين يولدون بدن أقدام؟. أعتقد أيها العجوز الذي أجهل هويته أن هذا يكفيك كي تذهب إلى صندوقك الخشبي، فلن تجد ولدك، أخبروني أنه دفع ثمن تذكرة السفر على مراكب الموت وابتلع الموج ما تبقى من مال حصل عليه بعد بيع احلامك.

يا صاحب الخدود المحفرة، قضيت عمرك تحلم. قصتك أصبحت مع قصص المتعبين الذين صودرت امالهم وبيعت في المزادات العلنية. اذهب أيها العجوز، ابتعد عن سطح هذه الأرض، دع هذه البلد تدخل كتاب غينيس بسلام وسكينة، فكما في رواية العطر، تحولت هذه البلاد إلى منطقة لحفلات الجنس الجماعي المجونة، اذهب وارقد بسلام، فحبيبتي تنتظرني على الهاتف، أخاف أن أغضبها فأنا رجل افتراضي، كحالك وكحالنا كلنا.

 

الصورة: Emre KASAP©

 

عن سامي فياض

سامي فياض
سوري من مدينة اللاذقية. طالب في كلية الاداب, قسم الادب الانكليزي, مهتم بشكل عام بالأدب ولديه بعض المحاولات للكتابة. في محاولة فكاهية لتقليد أعمدة الصحف الكبرى والمواقع الإلكترونية ينشر نصوصه كل خميس على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) تحت عنوان "خميسيات".

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.