صورة ملحقة بنص بلاك بيري لحمد عبود
صورة ملحقة بنص بلاك بيري لحمد عبود

بلاك بيري

حمد عبود
حياة طويلة جداً

إلى تمام هنيدي
يطعن الليل نفسه كلما صاح فيه سر: حرروني

 

لشدة تعلقنا بأجهزتنا المحمولة وتأبطنا لخيرها وشرها
نتحدثُ عنها ريثما يستقيمُ عودُ بطاريتها، نتكلم إليها ريثما تسترد حياتنا عافيتها.

لن أكذبَ إذ قلتُ بأنني استأمنتُ جهاز البلاك بيري أكثر مما استأمنتُ أخي على أسراري ولن يكذبَ هو إذ سألتَهُ شيئاً عني.
عليكَ أن تعرف كيف تفك قفله فحسب..
وعليه لن يلومني أحدهم إذ علِمَ بأني كسرتُ مفتاح قفله عنوةً قبل أن أدخل إلى بيت صديقٍ مكتظ دائما بالزوار المؤقتين مثلي، خشية أن يقع بيد أحدهم.
وتحسبا لأي التباس في السرد قلت لهم بأنه معطل وبأن البرد قد قرص إطاره المطاطي فـنالَ من بقية الأزرار الجانبية، كأي عجوز يقرصه العمر فتتساقط أسنانه..

لم أشعر بالملل يوماً بصحبته
كتبتُ فيه عن الموت الذي هرب من حديقة جهنم الخلفية وأخذ يتبختر في حياتنا
وعن الحياة الطويلة جدا التي اعتادت أنْ تضعَ كل ما نحبه على الرف العالي الذي لا نطاله
وسررْتُ له عن حيوات حسدتها وتمنيت لو لبستُ معطف أيامها.. للمتعة أو للتلصص.

بلاك بيري منضبط لايشرب الكحول وملتزم بقواعد اللعبة
بدون اتفاق مسبق كان نديمي في الأوقات الحرجة والخالية من “هم” ولتكتمل الحبكة المشهدية لعلاقتي به، قضى يروي لي في الصباحات التالية ما حدث بطريقة “الفلاش باك”
المشكلة أن تصدقه في كل مرة ..

بلاك بيري أبيض قلبه أسود متفحم
لشدة ما بكى بصمت على أسماء الذين لم يعاودوا الإتصال أو التنفس على حد سواء..
وبنفس الحرقة

بلاك بيري نازح
غصّ أول مرة اتصل ببيته واضطر لوضع صفرين تسعة ستة ثلاثة قبل أن يضغط على زر الإتصال.
ما يزال يحن إلى علبته الرمادية بجانب المخدة وشاحنه الأصلي وورقة كفالته التي لم تعني شيئاً أكثر من ورقة ضمان ليوم يبيع فيه نفسه ليفك ضائقة محتاج.. أنا

بلاك بيري احترف التشكيل
أخذ يلعب بحلقة السكون بين اصابعه، كلما حيرنا وقعُ كلمة في القصيدة رمى الحلقة في أرض اللغة ليسمع صدى اللحن المبتور فيعرف حدود جماله و صعوبة مناله.

لشدة تعلقنا بأجهزتنا المحمولة، تتأبطنا رسائلنا المؤجلة لخلل في شبكة هذه الحياة و نبقى في صمتٍ أنيقٍ نُحرك أصابعنا بين زر الإتصال وزر قطعه… نتدربُ على الارتجال إذ باغتتنا حبة توت حامضة.

 

عن حمد عبود

حمد عبود
مواليد دير الزور هندسة اتصالات -جامعة حلب له مجموعة بعنوان " مطر الغيمة الأولى " عن دار أرواد - طرطوس محل الإقامة غير ثابت حالياً

2 تعليقان

  1. حمد عبود

    هذا الإعلان بالمجان, عربون محبة لهذا التوت الذكي..

    أهلا بك أستاذ نايف
    و أشكرك

  2. أخ حمد يبدو لى كإعلان مثالى للبلاك بيرى ^_^

    أعجبنى أسلوبك ..

    تحياتي
    أخوك نايف الشهري

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.