الصفحة الرئيسية / تجريب / أجمَلُ ما في الإقامةِ السَّفَرْ .. أجمَلُ ما على الماءِ السَّماءْ
تشكيل، حمد الحناوي
تشكيل، حمد الحناوي

أجمَلُ ما في الإقامةِ السَّفَرْ .. أجمَلُ ما على الماءِ السَّماءْ

عمر يوسف سليمان
خاص بدحنون
 
 

1

لدينا الكثيرُ من الخبزِ المقمَّرِ بالضوءْ
فاكهةُ الربيعِ موسيقا على ضفاف الرغباتْ
حُبلى بالعرَقِ الخوابيْ
منها سننجبُ ضحكاتٍ تُحرِّرُ الأرضَ منْ آلهة الشياطينْ
على الجدرانِ الخشبيةِ معلقةٌ نداءاتُ أقدمِ أجدادنا:
ما لم نعشْهُ خبَّأناهُ في ذاكرةِ العنبْ
أفكارُنا يرسمها الضوءُ على رغوةِ كؤوسكمْ
كلما شربتُمْ ستدورُ طواحيننا
مولدةً كهرباءَ الفرحِ العظيمْ

ستةُ أيامٍ للرقصِ على إيقاعِ الكحولِ في العروقْ
للصحوِ على وردةِ الهناءِ التيْ لا يكتملُ تفتُّحُهَا
نهدرُ الوقتَ كما نهدرُ صحتنا بالأراكيلْ
وفي اليومِ السابعِ نرتاحْ
لقد خَلَقنا عالَمَ اللذَّة فينا
وليسقُطِ العالمْ

عندما تغفونَ كأطفالٍ أنهكَ اللعبُ أجفانَهُمْ
أحملُ أحلامَكمْ بيدٍ
وكأسيْ بيدْ
ثم أصعدُ إلى العلِّيةِ مثلَ هواءٍ مُثقَلٍ بالندى
أرى الأضواءَ الممتدَّةَ لامعةً كعيونِ قططٍ شبقة
أعرفها
أعرفُ رائحةَ العشبِ المُبتَلَّةَ بتحديقِ السهولْ
أعرفُ هذه القرى التي لا ترغبُ إلا بِمَؤُوْنَةِ أن تبقى خاليةَ البالْ
أعرفُ غوايةَ انتظارِ الصباحِ
في الظلمةِ الشفيفةِ
على شَعْرِ الأشجارْ
أعرف كلَّ هذا
ولا أعرفُ أينَ أنا
لكننيْ كلما استدرتُ إلى انعكاسِ ظلٍّ غامضٍ على الحائطِ المقمرْ
كلَّما صفَّرَ الزيزُ
أو داهمتنا موسيقا الغجرِ من بعيدٍ
أعرفُ بلاديْ
كلُّ أرْضٍ منَ الأرضِ فيها بلاديْ

22/3/2014

 

2

– فجرٌ أمْ غروبْ؟
– الصمتُ يخيِّمُ على حدودِ الوقتِ مثلَ مهجَّرينْ
ظلالُ غيومٍ رماديَّةٍ هذه المدينة
– فجرٌ أم غروبْ؟
في السادسةِ يمرُّ الضوءُ الغامضُ مثلَ نداءِ النايْ
للشمسِ ما للبندولِ في منتصفِ الساعة
– إذاً ما الوقت؟
– ما تراه يا صاحبيْ
افترضْ أنهُ آخرُ النهارِ
أفترضُ بدايتَهْ
لا فرقْ
في النهايةِ مُطلقُ البداية

في دمشقَ
للَّيلِ فجرٌ كحليٌ
وجهه طفلٌ ينامُ
والبحرُ يهدرُ:
أجمَلُ ما في الإقامةِ السَّفَرْ
أجمَلُ ما على الماءِ السَّماءْ

– نحنُ أينَ؟
– في الشارعْ
– كم الساعة؟
– السادسة
– باريسُ وقتٌ سكرانُ ضيَّعَ ساعتَه
– فلتفترضْ أنَّا هنا
ولأفترضْ أنَّا هناكْ
– وأنَّكَ أنتَ
لا أنا
متماثلةٌ فينا الأماكنُ
والأسماءُ
وأفكارنا ترفضها الجاذبية

خلفَ هذهِ المدينةِ ما يشيْ بتلكْ
خلفَ حدائقها
أشجارُ تينٍ تُطِلُّ على الخيالِ المشرقيْ

خلفَ تماثيلِ محاربيها
وردٌ مذبوحٌ
دمُهُ مقامُ الصبا

والعربيةُ في هوائها
شَبَحٌ يمدُّ لسانَهُ إلى الماضيْ

– كم الساعة؟
– السادسة
– صباحاً أم مساءً؟
– صباحٌ يُمسِّيْ علينا
– أينَ نحنُ؟
– في آخرِ المنامْ

14/1/2014

 

الصورة: تشكيل لحمد الحناوي

عن عمر يوسف سليمان

عمر يوسف سليمان
شاعر سوري، مواليد ريف دمشق، مدينة (القطيفة)، 1987 صدرَ له (ترانيم الفصول)، دار (عبد المنعم ناشرون) سوريا، حلب 2006 - (أغمض عيني وأمشي)، جائزة (سعاد الصباح) الكويت، دورة 2010 - (لا ينبغي أن يموتوا)، دار (الغاوون)/ لبنان 2013. تُرجمت قصائده إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية. أخرِجَ فيلم سينمائي عن قصيدته (لم أعد أحداً) وعُرض في مهرجان (الأنثروبولوجيا الرقمية/ شاشات الحرية) باريس 2013

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.