الصفحة الرئيسية / نصوص / رأي / إياد شاهين لم يكن صديقي..

إياد شاهين لم يكن صديقي..

نسرين طرابلسي
خاص بدحنون
 

لم ألتقه في دمشق ولم أزر عيادته، ولم أسمعه يلقي شعراً.. كل ما بيننا مجرد نقد ورسالتان وبعض اللايكات.
سمعت عنه من صديقه فادي عزام، الذي لم يكن يمل من الاستشهاد بعبارات إياد المدهشة. وبالصدفة أضافني على (الفيس بوك) في نفس اليوم الذي كنت أبحث فيه عن مجموعته الوحيدة “كورتاج”. التي يصفها بأرملته.. فكتبت نقداً عنها وعن مجموعة “تحتانيات” لفادي عزام فأرسل لي الكلمات التالية:

“قرأت مقالة رأيت فيها أسماء ثلاثة شعراء نسرين طرابلسي وفادي عزام أما الثالث فلم أسمع به من قبل.
أرى الأشياء على حقيقتها وليس كما تريد الأشياء أن نراها, ليس كما يريد الآخرون أن نرى الأشياء فكيف عرفتِ ماعرفتِ أنا لم أخبر أحدا!!
كنت أقول قصائدي ويحفظها الآخرون فادي انتبه، وهو الشاعر والعارف باللغة العربية فلم تمر عليه مرور الكرام، فضحني وفضح أيضا أنه لا أحد يستطيع مجاراتي في اللغة العربية..
طردتني دكتورة اللغة العربية في كلية الطب ومنعتني من حضور دروسها لأنني أعلم ممن علموها وفضحني مخرج مسرحية السهروردي عندما أجبر زيناتي قدسية على حفظ ثلاثة عشر نصا من كورتاج ..
وفضحني عميد كلية الآداب في جامعة البعث والمخرج الهولندي وكثيرون، غضبت وامتنعت عن النشر، ولكن ليس كما فضحتني أنت .
نسرين كنت سعيداً وأنا أقرأ ماكتبت عني وعن فادي لأنني كنت أقرأ إبداعك أيضا. دهش بعض الأصدقاء عندما قرأوا المقالة لأنه فور صدور كتاب فادي – تحتانيات- قلت لهم تخيلوا – مقالة بعنوان” تحتانيات فادي وكورتاج إياد”. نسرين طلب مني فادي نصا قديما كنت نسيته عنوانه – الحراسة مشددة- وأغراني بنشر نصوص جديدة بإرسالها له فهو يعرف قسوتي جيداً وأنا أعرف قامته جيداً. أرسلت له أربعة نصوص. لا أريد أن أصبح شاعرا أريد أن أكتب قصيدة واحدة لم أستطعها حتى الآن.
نسرين شكرا لأنك أثبتِ خطأ مقولة : ما أجهل الإنسان بالانسان
مقالتك غيرت ما ظننت أنه لا يتغير.
اللغة أحبت ما تكتبين . مدونتك فصل في الجنة وفصل في الجحيم
ربما أعود للكتابة على الفيسبوك. أخاف عليك فاحذري: النجوم لا تضيء سوى ذاتها”.

هكذا تحدث إلي إياد شاهين، بكل هذا التواضع والكبرياء. رغم أنه لم يكن صديقي. وأنا فاشلة في رثاء الموتى خصوصاً القتلى منهم، والشهداء والقديسين..
طوال عمري أستحي من الكتابة عن مبدع بعد موته، استحي من الذين يدعون معرفته، ضامنين أنه لن يقوم من مرقده ليقول لهم: كم أنتم كاذبون..
لذا أشكر الصدفة لأنها جعلتني أدخل إلى قلبه الحيّ يوماً بعض السعادة.
إياد شاهين.. أستعير عبارتك لأقول: يا شهيدنا.. موتك قصيدة طويلة في رثائنا..
أبدعت في تورية الحياة شعراً، فحاولوا مجاراتك بتورية موتك
اتسعت رؤيتك فضاقت عليك وضاقوا بك..
نيالك أنت الآن حر.. وأصبح بإمكانك أن تكتب القصيدة التي لم تستطيعها..
نسرين طرابلسي

مرفق رابط المقال ارتقاء الشعر وولادته سليماً بين تحتانيات وكورتاج

 

 

الصورة: Chema Madoz©

 

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.